بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیْمِ

رَحِمَكَ اللهُ يَا أَبَا الْحَسَنِ كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إسْلاَماً وَأَخْلَصَهُمْ إيمَاناً وَأشَدَّهُمْ يَقِيناً وَأَخْوَفَهُمْ للهِ وَأَعْظَمَهُمْ عَناءً وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى لهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَآمَنَهُمْ عَلَى أصْحَابِهِ وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ وَأَكْرَمَهُمْ سَوَابِقَ وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةًوَأَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْياً وَخُلُقاً وَسَمْتاً وَفِعْلاً وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ فَجَزَاكَ اللهُ عَنِ الإسْلاَمِ وَعَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْراً. قَوِيت َحِينَ ضَعُفَ أصْحَابُهُ وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا وَلَزَمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إذْ هُمْ أَصْحَابُهُ وَكُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقّاً لَمْ تُنَازِعْ وَلَمْ تُضْرَعْ بِرُغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْظِ الكَافِرِينَ وَكُرْهِ الحاسِدِينَ وَصِغَرِ الفَاسِقِين. فَقُمْتَ بِالأمْرِ حِينَ فَشِلُوا وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللهِ إذْ وَقَفُوا فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا وَكُنْتَ أخْفَضَهُمْ صَوْتاً وَأعْلاهُمْ قُنُوتاً وَأَقَلَّهُمْ كَلاماً وَأَصْوَبَهُمْ نُطْقاً وَأكْبَرَهُمْ رَأْياً وَأَشْجَعَهُمْ قَلْباً وَأَشَدَّهُمْ يَقِيناً وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلاً وَأَعْرَفَهُمْ بِالأُمُورِ. كُنْتَ وَاللهِ يَعْسُوباً لِلدِّينِ أَوَّلاً وَآخِراً: اَلأوَّلَ حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَالآخِرُ حِينَ فَشِلُوا كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أباً رَحِيماً إذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا وَشَمَّرْتَ إذْ اجْتَمَعُوا وَعَلَوْتَ إذْ هَلَعُوا وَصَبَرْتَ إذْ أَسْرَعُوا وَأَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً وَنَهْباً وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَمَداً وَحِصْناً فُطِرْتَ واللهِ بِنَعْمَائِهَا وَفُزْتَ بِحَبَائِها وَأَحْرَزْتَ سَوَابِغَهَا وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا لَمْ تَفْلُلْ حُجَّتُكَ وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ وَلَمْ تَخُنْ كُنْتَ كَالجَبَلِ لا تُحَرِّكُهُ العَوَاصِفُ وَكُنْتَ كَمَا قَالَ: أَمِنَ النَّاسُ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ. وَكُنْتَ كَمَا قَالَ: ضَعِيفاً فِي بَدَنِكَ قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللهِ مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ عَظِيماً عِنْدَ اللهِ كَبِيراً في الأرْضِ جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَكُنْ لأِحَدٍ فِيكَ مَهْمِزٌ وَلا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ وَلا لأِحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ وِلا لأحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ. الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ وَالْقَوِيُّ العَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتَّى تَأخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ فِي مَا فَعَلْتَ وَقَدْ نُهِجَ بِكَ السَّبِيلُ وَسُهِّلَ بِكَ الْعَسِيرُ وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ وَقَوِيَ بِكَ الإسْلاَمُ وَالمُؤمِنُونَ وَسَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً وَأتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الأَنامُ فَإنّا للهِ وَإنّا إلَيهِ رَاجِعُونَ رَضِينَا عَنِ اللهِ قَضَائَهُ وسَلَّمْنا للهِ أمْرَهُ فَواللهِ لَمْ يُصَبِ المُسْلِمونَ بِمِثْلِك أبَداً. كُنْتَ لِلمُؤمِنِينَ كَهْفاً وَحِصْناً وَقُنَّةً رَاسِياً وَعَلى الكَافِرينَ غِلْظَةً وَغَيْظاً فَألْحَقَكَ اللهُ بِنَبِيِّهِ وَلاَ حَرَمَنا أجْرَكَ ولا أَضَلَّنا بَعْدَكَ.